هل العراق قادر على منع استخدام أراضيه في أي حرب بين إسرائيل وإيران؟
موقف العراق الرافض لاستخدام أراضيه في أي نزاع إقليمي: أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين اليوم الأحد موقف بلاده الرافض القاطع لاستخدام أراضي العراق أو أجوائه كمنصة لأي عدوان على دول الجوار، في إشارة واضحة إلى التحضيرات التي تقوم بها إسرائيل ضد إيران. هذه التصريحات جاءت في وقت حساس يشهد فيه الشرق الأوسط تصاعدًا كبيرًا في التوترات الإقليمية، ما يثير تساؤلات حول الدور الذي يمكن أن يلعبه العراق في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
العراق، الذي عانى طويلًا من الحروب والصراعات، يهدف اليوم إلى لعب دور محوري في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. إن تصريح وزير الخارجية العراقي يعكس رؤية بغداد لتجنب أي مواجهة عسكرية جديدة في المنطقة، حيث قال حسين بوضوح: “قرار الحرب والسلم في العراق يخضع لسلطات الدولة وفق الدستور العراقي، ولا يمكن السماح باستخدام العراق كمنصة لأي عدوان”.
تحضيرات إسرائيلية وتهديدات للمنطقة
التحضيرات الإسرائيلية لاستهداف مواقع في إيران أثارت قلقًا واسعًا في العراق ودول أخرى في المنطقة. وزير الخارجية العراقي أوضح أن مثل هذه التحركات تشكل تهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. وحذر من أن أي هجوم جديد سيؤدي إلى توسيع نطاق الحرب في الشرق الأوسط، ما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الأمنية في ممرات الملاحة الدولية، وزعزعة أمن الطاقة والتجارة العالمية.
تداعيات توسع الحرب على الأمن الإقليمي والعالمي
العراق الذي يتمتع بموقع جغرافي استراتيجي وسط الشرق الأوسط يدرك تمامًا المخاطر التي قد تنجم عن أي حرب جديدة. وزير الخارجية فؤاد حسين أكد خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الإيراني عباس عراقجي أن أي حرب جديدة ستكون لها تداعيات كارثية على الأمن العالمي. أضاف حسين أن مثل هذه الحرب ستهدد استقرار الطاقة العالمية وتؤثر بشكل مباشر على الملاحة الدولية.
في الوقت نفسه، شدد حسين على أن اتساع رقعة الحرب قد يؤدي إلى فوضى عارمة تستغلها الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش، الذي لا يزال يشكل تهديدًا حقيقيًا للعراق ودول الجوار. إن دخول العراق في أي صراع إقليمي من شأنه أن يُعيد البلاد إلى مربع الفوضى الذي تحاول بغداد جاهدة التخلص منه بعد سنوات من الصراعات الداخلية والخارجية.
العراق ودوره في استقرار المنطقة: موقف ثابت ورؤية استراتيجية
الموقف العراقي الرافض لاستخدام أراضيه في أي نزاع إقليمي يعكس سياسة واضحة لبغداد تتمثل في الابتعاد عن أي تدخل في الصراعات بين الدول المجاورة. وقد شدد حسين على أن “قرار الحرب والسلم في العراق يخضع للدستور العراقي”، ما يعكس التزام العراق الكامل بسيادته الوطنية ورفضه لأي تدخل خارجي يمكن أن يُعرض أمن البلاد للخطر.
هذا الموقف ليس جديدًا على العراق، الذي يسعى منذ فترة طويلة إلى بناء علاقات متوازنة مع جميع دول المنطقة. العراق يعرف جيدًا أن الحفاظ على الاستقرار في المنطقة يتطلب سياسات متوازنة، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران. وقد عبّر حسين عن حرص بلاده على إبقاء المنطقة بعيدة عن شبح الحرب، مشيرًا إلى أن العراق سيواصل دوره في دعم جهود السلام والدبلوماسية.
ترحيب إيراني بالموقف العراقي: تعزيز العلاقات الإقليمية
من جانبه، رحب نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بموقف العراق الرافض لاستخدام أراضيه كقاعدة لأي هجوم على إيران. وأكد أن هذا الموقف يعكس التزام العراق بالاستقرار الإقليمي ومبادئ حسن الجوار. كما أضاف أن المنطقة تمر بمرحلة حساسة للغاية، خاصة في ظل تصاعد التوترات نتيجة “الجرائم الإسرائيلية المستمرة” في قطاع غزة ولبنان.
تصريحات عراقجي خلال المؤتمر الصحفي المشترك جاءت لتؤكد على أهمية الدور العراقي في هذه المرحلة الحرجة. وأوضح أن طهران تبذل جهودًا دبلوماسية مكثفة في محاولة لاحتواء التصعيد ومنع اندلاع حرب شاملة في المنطقة. هذه الجهود تعكس رغبة إيران في تجنب صراع قد يؤدي إلى تداعيات غير محسوبة على الأمن الإقليمي.
التحركات الدبلوماسية العراقية: طريق نحو السلام
العراق يتخذ خطوات دبلوماسية واضحة لضمان عدم الانجرار إلى صراعات إقليمية جديدة. الحكومة العراقية تعمل بجد للتوسط بين الدول المتصارعة، وتبذل جهودًا حثيثة لتجنب أي تصعيد قد يؤثر على استقرار المنطقة. في هذا السياق، شدد وزير الخارجية فؤاد حسين على أهمية تكثيف الجهود الدبلوماسية والبحث عن حلول سلمية للأزمات الراهنة.
العراق يعوّل على دوره كدولة محورية في المنطقة، ويسعى إلى تعزيز الحوار بين الأطراف المختلفة لضمان تحقيق الاستقرار. هذه السياسة ليست فقط لحماية مصالح العراق، بل أيضًا للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة ككل. موقف العراق الرافض لأي تدخل عسكري يعكس رؤية شاملة تهدف إلى الحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي.
الخلاصة: العراق بين النار والدبلوماسية
موقف العراق الرافض لاستخدام أراضيه في أي عدوان على دول الجوار يعكس سياسة حكيمة تعتمد على تعزيز الاستقرار وتجنب الصراعات. العراق يسعى إلى النأي بنفسه عن أي مواجهة قد تؤثر على أمنه الداخلي والإقليمي، ويواصل دوره كداعم للجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق السلام.
العراق اليوم يقف على مفترق طرق بين التحركات الدبلوماسية وبين التوترات الإقليمية المتصاعدة. هذا الدور يتطلب من بغداد الحذر والحرص على الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، في الوقت الذي تعمل فيه على منع حدوث أي تصعيد عسكري قد تكون عواقبه وخيمة على المنطقة بأكملها.